الاثنين، 20 ديسمبر 2010

خمس قصائد مهداة إلى سلفادور اللندي

1

وإلى أن تصبح الخوذة،
خط الاستواء
ويصير المدفع الرشاش إنجيلاً
وتظل المشنقة
ويظل السيد الجلاد ،
والقاضي ،
وحفار القبور
أبجديات على لافتة الموت ، وتبقى
الكلمات الصادقة
معولاً يحفر قبر الصادقين .

2

لا يهم
ولا يهم الآن من يحفر قبرك
ومتى يُحفر قبرك
لا تهم ..
لا تهم الأبجديات ،
ولا اللافتة السوداء والقاضي
فلا شيء مقدس
غير أن تهتف ضد الموت في وجه المسدس
وليكن
لا موت بعد الموت بالذل ، ولا قبرين ،
يحتل القتيل
لا ولن تَبْن يد الجلاد والقاضي ،
سبيلاً مستحيلْ
وليكن ، لا شيء في الدنيا بعد اليوم مقدس
غير أن تهتف ضد الموت في وجه المسدس .

3

وإلى أن يصبح الموت نبيلا
ويعود الزمن المجنون للخلف ،
قليلا
ها أنا أرزحُ في ليل الصليبيين ،
مولوداً قتيلا
حارقاً عيني في صمت الزنازن
حاملاً ناري إلى كل السجون
وليكن ، هذا زمان
لا يهم المرء من يحفر فيه القبر،
فالشاعر يولد هذه الليلة تحت المشنقة .

4

ينبح القانون في وجه ،
الأناشيد ...
الأناشيد الحيية
وتظل الشمس تبدو ،
في زمان السيف والنطع ، بغية
تبدل العاشق بالعاشق في خمارة
العسف الجديد.
وتظل الشمس تبدو
في عيون الشاعر المقتول في زنزانة
الصمت ،
ضحية
تتعرى وتجوع
تبدل المعتقلات السود في الليل ، وتذوي
في ظلام البربرية .

5

في ليالي الجنرالات الكبار
عادة ما تصبح الأنشودة الحلوة
حبل المشنقة
ويصير المدفع الرشاش والخوذة ،
والإرهاب ،
خط الاستواء
ويصير الحب والميلاد والشوق انتحار
في ليالي الجنرالات الكبار .

10-5-1973
نشرت في صحيفة حوار،اثينا 1982

الثلاثاء، 14 ديسمبر 2010

يوميات تجربة شخصية

- ماركسياً ؟
- ........
- فوضوياً ؟
- ........
- فإذن أنت من الإخوان المسلمين
ولماذا لا تجيب ؟
ما الذي تجنيه من صمتك يا ابن ،
السفلة ؟
ولدينا ،
كل ما يمكن أن يجعل أمثالك من ،
من سقط متاع الناس يحكون بما نبغي ،
وينهارون في المحضر
أشلاء رجال
فلماذا ؟
تسكت الآن لماذا ؟
ما الذي تجنيه من صمتك والتقرير ،
مكتوب بخط التاج والرقعة والنسخ وأنت ،
الآن تهرب من حبلك ،
فالتقرير قد أوحى به الرحمن للمخبر ،
والمخبر في هذا الزمان
خادم الرب ، وأنت الآن في ،
قبضتنا
ولدينا
كل ما يجعل من أمثالك الأوغاد ،
ينهارون في المحضر ،
ينهارون في المحضر ،
يحكون بكل اللهجات البائدة
وبما نبغيه كالصلصال أنت الآن في
الكف ،
فماذا
تشتهي الليلة أن تصبح فالتقرير ،
يلتف على عنقك كالحبل ،
ومن عشرين تهمة
ماركسياً
فوضوياً
ومن البعث وقومياً وفي رأسك ،
أشياء من الإخوان والتحرير والشيعة،
والمعتزلة
وبما أنك زنديق وكافر
فلما نستبعد الظن بأنك قرمطي
ويمينياً وأحياناً يسارياً جديد
ثم لا تنسى بأن الزنج أصحابك مشمولين ،
في التهمة ، فأختر ما تشاء
حدد التهمة أنت الآن ،
- ........
تستجير الآن بالصمت ،
ولا تعلم أن الشاهد الأول في التحقيق ،
يدعى الكهرباء
نحن لا نرغب في أن يصبح الأطفال ،
أبطالاً فحدد ما تشاء .
لك أن تختار في أرجوحة المشنقة ،
السوداء لون الحبل ،
والباقي علينا
- .......
تستجير الآن بالصمت وفي الحالين ،
أنت الآن ميت
حدد التهمة أنت الآن ،
حددها .. ،
ودعنا نستريح .
- وطني يا أيها الطير الجريح
كم أنا أشتاق أن يرتاح في طينك ،
جسمي
كم أنا أطعم للنيران في صحرائك
الحلوة
اسمي
وطني
يا أيها الحب الذي أبنيه كي تشتبه ،
الشرطة في وجهي وفي عينيً أنت الآن ،
جائع
وطني كم أنت جائع
لظلا الأمن والحرية الحمراء والضوء ،
الذي ينسل من زنزانتي الخرساء
رائع
وطني كم أنت رائع .

الاثنين، 15 نوفمبر 2010

ابتسم

إن يكن يعتم في القبو ،
الظلام
وتموج الريح في الأفق ،
وينهار المدى
تحت أقدامك في الليل وتبدو
شرفات الليل كالقار ،
ويشتد على قلبك وقع العاصفة
وانطفت أضواء هذا الكون في العين ،
وذابت
في هباء الأرصفة
وبدا الكون كأن لم يعرفك
وغدت تنكرك الأعين ،
من رهبتها
وسرى اسمك كالتهمة في
كل مكان
وبدا حارسك الأبله موتوراً غبياً
فابتسم للأعين البله ، فقد صرت نبياً .

*****
إن بدا في الليل ظل الحارس الأبله
كالطود ، وعضت
لحم زنديك القيود
وحصى الحارس أنفاسك في السجن
وروًى
دمك الدافيء أقدام الجنود
وتعرت
بين أضلاعك آلام الجراح
فأبتسم للجرح و امض
ضاحك العينين والروح ، فهذا
من تباشير الصباح .

*****

إن بدا حملك تنهد الجبال
من رؤى وطئته الكبرى ، وفاضت
في سكون الليل عيناك ،
بأشياء الحَزن
ثم لم يسمعك الكون الذي نام
ولم يسند رأسك ،
وانطفى البارق في العتمة مرتاعا ورنت
في المدى الموحش آهات الشجن
فأبتسم للحزن في الليل ،
فقد صرت وطن .


بنغازي 1979

الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

أشواق

ومتى تأتي إلينا
أيها الغائب في صمت السموات
البعيدة
ومتى في زحمة الليل الذي يشتد،
تشتاق إلينا
فعلينا أزهر الصبار والعوسج والعقم،
وذل الإنتظار.

وانتهينا
في محطات الشتاء الموغل الغربة،
والوحشة ،
نقتات المحال
ونناديك : تعال
أيها الغائب في صمت السموات البعيدة
لم نعد نقوى على الصمت ... فدعنا
نشرب الليلة خمر النور في كأس جديدة .

تزهر البشرى،
يذوب الشوق في الضجة يا قلبي،
ويندك الجدار
فبلادي تخنق الليلة أنفاس الهمج
وتناديني .. تناديني
تعال
أيها الغارق في صمت السموات،
القصية
هذه ساعة ميلاد وحب
و انتفاضات أبية
فبلادي حطَمت،
مرة أخرى ظلام البربرية.

تزهر البشرى،
يذوب الشوق في النور،
ويندك الجدار
وتعم الفرحة الكبرى،
وتأتي
في مدار الأفق يا شمس النهار

الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010

الجوع

عام وعام وأنا،
أنتظر الإقلاع
جمدت بين السجدتين،
بحت بالأشجان
أبحرت بالزورق في دوامة النسيان
آه وآه أفلت اللسان
وفكت الأصفاد عنه هذه الأشجان

*****

ويلي أنا الظاميء والبئر بلا قرار
العهر والجبن وذل التيه،والفرار
أين ؟ وهذا الكون تحت قدمي ينهار

*****

جلت مع السمسار
رأيته يسوح في الحانة والأسواق
يعرض للتجار
المومسات الحور والمداد والأوراق
أذكر أن يومها سألت دون خوف
هل تحبل الحروف ؟
أذكر أن يومها الحتوف
جربتها في الجوع والصقيع
في ساحة الإعدام في مراكز التوقيف

*****


آه وأفلت اللسان
وبحت بالأشجان
أبحرت بالزورق في دوامة النسيان
وقلت للسمسار والسلطان والتجار
فلتجعلوا الموت بلا
مقابل
وتوجوا الشيطان
غداً غداً ستنضج السنابل
آه وآه وأفلت اللسان
وبحت بالأشجان .

30-4-1968

الجمعة، 15 أكتوبر 2010

أغنية من البحر


ومن ينسف القبو
إنًا هنا
يعذبنا أننا لن نعيش،
وتمتد أعمارنا
لنقذف أشعارنا للوجود
ونهتف أنًا رأينا الجديد
على الأرض،
أنًا رأينا الحريق
تضاء به دارنا
أتورق أشعارنا ؟
على وجنة الشمس في كل دار
أكاليل غار
تميل مع الريح ،
أجران قمح
يعانقها الضوء لون الخضار
عليها، وفي كل جرح
أتزهر أحزاننا والبذار ؟
أسانا وإيماننا بالحياة
ومن يثقب الأرض ، ينداح فيها
ويبني عليها
أهازيجنا واندحار الردى
لأن الصدى
يقول بأن الحياة الحياة
لهذا الوجود، وأن العدم
لهذي التفاهات ، أن البغاة
ستنهار أحلامهم، والندم
سيزرع في كل هذي العيون
صباح جديد ..
صباح جديد ..

مايو 1969

الخميس، 14 أكتوبر 2010

ليالي


الشمس تجرحها الحراب
والنجمة الحمراء يأكلها الضباب
والقهر يطفيء في بحار الصمت أغنية الشباب
الليل عاد إليك يرتاد القرى
سكران مرتعش الخطى
ماذا ؟ وخلف سديمنا المحروق شمسك لا ترى

***
ويظل ينبتنا الحنين
ونظل نكبر .. ثم نكبر ... ثم تأكلنا السنين
كالصمت كالصبار نزهر في مقابرك الحزينة
موتى تغص بنا المدينة

***

القهر مضًك يا فؤاد،أما تكف عن النحيب ؟
في حانة الأحزان تنزف كلما عتم المغيب
لتجس ميلاد الصباح الغض في الشفق الخضيب
وتظل تذوي في الربيع ربيعك الميت الكئيب
وأظل أضرب في وهاد التيه أضرب كالغريب
فلمن سأجرع في ثراك الموت يابلدي الحبيب؟

***

للمقتفين خطاي، للجوع المدمر
للعذاب
للموت للقمر المعلق في السحاب
والنجمة الحمراء يأكلها الضباب
والشمس تطعنها الحراب،
والعسف يطفيء في بحار الصمت أغنية الضباب

17.8.1968