الاثنين، 20 ديسمبر 2010

خمس قصائد مهداة إلى سلفادور اللندي

1

وإلى أن تصبح الخوذة،
خط الاستواء
ويصير المدفع الرشاش إنجيلاً
وتظل المشنقة
ويظل السيد الجلاد ،
والقاضي ،
وحفار القبور
أبجديات على لافتة الموت ، وتبقى
الكلمات الصادقة
معولاً يحفر قبر الصادقين .

2

لا يهم
ولا يهم الآن من يحفر قبرك
ومتى يُحفر قبرك
لا تهم ..
لا تهم الأبجديات ،
ولا اللافتة السوداء والقاضي
فلا شيء مقدس
غير أن تهتف ضد الموت في وجه المسدس
وليكن
لا موت بعد الموت بالذل ، ولا قبرين ،
يحتل القتيل
لا ولن تَبْن يد الجلاد والقاضي ،
سبيلاً مستحيلْ
وليكن ، لا شيء في الدنيا بعد اليوم مقدس
غير أن تهتف ضد الموت في وجه المسدس .

3

وإلى أن يصبح الموت نبيلا
ويعود الزمن المجنون للخلف ،
قليلا
ها أنا أرزحُ في ليل الصليبيين ،
مولوداً قتيلا
حارقاً عيني في صمت الزنازن
حاملاً ناري إلى كل السجون
وليكن ، هذا زمان
لا يهم المرء من يحفر فيه القبر،
فالشاعر يولد هذه الليلة تحت المشنقة .

4

ينبح القانون في وجه ،
الأناشيد ...
الأناشيد الحيية
وتظل الشمس تبدو ،
في زمان السيف والنطع ، بغية
تبدل العاشق بالعاشق في خمارة
العسف الجديد.
وتظل الشمس تبدو
في عيون الشاعر المقتول في زنزانة
الصمت ،
ضحية
تتعرى وتجوع
تبدل المعتقلات السود في الليل ، وتذوي
في ظلام البربرية .

5

في ليالي الجنرالات الكبار
عادة ما تصبح الأنشودة الحلوة
حبل المشنقة
ويصير المدفع الرشاش والخوذة ،
والإرهاب ،
خط الاستواء
ويصير الحب والميلاد والشوق انتحار
في ليالي الجنرالات الكبار .

10-5-1973
نشرت في صحيفة حوار،اثينا 1982

الثلاثاء، 14 ديسمبر 2010

يوميات تجربة شخصية

- ماركسياً ؟
- ........
- فوضوياً ؟
- ........
- فإذن أنت من الإخوان المسلمين
ولماذا لا تجيب ؟
ما الذي تجنيه من صمتك يا ابن ،
السفلة ؟
ولدينا ،
كل ما يمكن أن يجعل أمثالك من ،
من سقط متاع الناس يحكون بما نبغي ،
وينهارون في المحضر
أشلاء رجال
فلماذا ؟
تسكت الآن لماذا ؟
ما الذي تجنيه من صمتك والتقرير ،
مكتوب بخط التاج والرقعة والنسخ وأنت ،
الآن تهرب من حبلك ،
فالتقرير قد أوحى به الرحمن للمخبر ،
والمخبر في هذا الزمان
خادم الرب ، وأنت الآن في ،
قبضتنا
ولدينا
كل ما يجعل من أمثالك الأوغاد ،
ينهارون في المحضر ،
ينهارون في المحضر ،
يحكون بكل اللهجات البائدة
وبما نبغيه كالصلصال أنت الآن في
الكف ،
فماذا
تشتهي الليلة أن تصبح فالتقرير ،
يلتف على عنقك كالحبل ،
ومن عشرين تهمة
ماركسياً
فوضوياً
ومن البعث وقومياً وفي رأسك ،
أشياء من الإخوان والتحرير والشيعة،
والمعتزلة
وبما أنك زنديق وكافر
فلما نستبعد الظن بأنك قرمطي
ويمينياً وأحياناً يسارياً جديد
ثم لا تنسى بأن الزنج أصحابك مشمولين ،
في التهمة ، فأختر ما تشاء
حدد التهمة أنت الآن ،
- ........
تستجير الآن بالصمت ،
ولا تعلم أن الشاهد الأول في التحقيق ،
يدعى الكهرباء
نحن لا نرغب في أن يصبح الأطفال ،
أبطالاً فحدد ما تشاء .
لك أن تختار في أرجوحة المشنقة ،
السوداء لون الحبل ،
والباقي علينا
- .......
تستجير الآن بالصمت وفي الحالين ،
أنت الآن ميت
حدد التهمة أنت الآن ،
حددها .. ،
ودعنا نستريح .
- وطني يا أيها الطير الجريح
كم أنا أشتاق أن يرتاح في طينك ،
جسمي
كم أنا أطعم للنيران في صحرائك
الحلوة
اسمي
وطني
يا أيها الحب الذي أبنيه كي تشتبه ،
الشرطة في وجهي وفي عينيً أنت الآن ،
جائع
وطني كم أنت جائع
لظلا الأمن والحرية الحمراء والضوء ،
الذي ينسل من زنزانتي الخرساء
رائع
وطني كم أنت رائع .

الاثنين، 15 نوفمبر 2010

ابتسم

إن يكن يعتم في القبو ،
الظلام
وتموج الريح في الأفق ،
وينهار المدى
تحت أقدامك في الليل وتبدو
شرفات الليل كالقار ،
ويشتد على قلبك وقع العاصفة
وانطفت أضواء هذا الكون في العين ،
وذابت
في هباء الأرصفة
وبدا الكون كأن لم يعرفك
وغدت تنكرك الأعين ،
من رهبتها
وسرى اسمك كالتهمة في
كل مكان
وبدا حارسك الأبله موتوراً غبياً
فابتسم للأعين البله ، فقد صرت نبياً .

*****
إن بدا في الليل ظل الحارس الأبله
كالطود ، وعضت
لحم زنديك القيود
وحصى الحارس أنفاسك في السجن
وروًى
دمك الدافيء أقدام الجنود
وتعرت
بين أضلاعك آلام الجراح
فأبتسم للجرح و امض
ضاحك العينين والروح ، فهذا
من تباشير الصباح .

*****

إن بدا حملك تنهد الجبال
من رؤى وطئته الكبرى ، وفاضت
في سكون الليل عيناك ،
بأشياء الحَزن
ثم لم يسمعك الكون الذي نام
ولم يسند رأسك ،
وانطفى البارق في العتمة مرتاعا ورنت
في المدى الموحش آهات الشجن
فأبتسم للحزن في الليل ،
فقد صرت وطن .


بنغازي 1979

الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

أشواق

ومتى تأتي إلينا
أيها الغائب في صمت السموات
البعيدة
ومتى في زحمة الليل الذي يشتد،
تشتاق إلينا
فعلينا أزهر الصبار والعوسج والعقم،
وذل الإنتظار.

وانتهينا
في محطات الشتاء الموغل الغربة،
والوحشة ،
نقتات المحال
ونناديك : تعال
أيها الغائب في صمت السموات البعيدة
لم نعد نقوى على الصمت ... فدعنا
نشرب الليلة خمر النور في كأس جديدة .

تزهر البشرى،
يذوب الشوق في الضجة يا قلبي،
ويندك الجدار
فبلادي تخنق الليلة أنفاس الهمج
وتناديني .. تناديني
تعال
أيها الغارق في صمت السموات،
القصية
هذه ساعة ميلاد وحب
و انتفاضات أبية
فبلادي حطَمت،
مرة أخرى ظلام البربرية.

تزهر البشرى،
يذوب الشوق في النور،
ويندك الجدار
وتعم الفرحة الكبرى،
وتأتي
في مدار الأفق يا شمس النهار

الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010

الجوع

عام وعام وأنا،
أنتظر الإقلاع
جمدت بين السجدتين،
بحت بالأشجان
أبحرت بالزورق في دوامة النسيان
آه وآه أفلت اللسان
وفكت الأصفاد عنه هذه الأشجان

*****

ويلي أنا الظاميء والبئر بلا قرار
العهر والجبن وذل التيه،والفرار
أين ؟ وهذا الكون تحت قدمي ينهار

*****

جلت مع السمسار
رأيته يسوح في الحانة والأسواق
يعرض للتجار
المومسات الحور والمداد والأوراق
أذكر أن يومها سألت دون خوف
هل تحبل الحروف ؟
أذكر أن يومها الحتوف
جربتها في الجوع والصقيع
في ساحة الإعدام في مراكز التوقيف

*****


آه وأفلت اللسان
وبحت بالأشجان
أبحرت بالزورق في دوامة النسيان
وقلت للسمسار والسلطان والتجار
فلتجعلوا الموت بلا
مقابل
وتوجوا الشيطان
غداً غداً ستنضج السنابل
آه وآه وأفلت اللسان
وبحت بالأشجان .

30-4-1968

الجمعة، 15 أكتوبر 2010

أغنية من البحر


ومن ينسف القبو
إنًا هنا
يعذبنا أننا لن نعيش،
وتمتد أعمارنا
لنقذف أشعارنا للوجود
ونهتف أنًا رأينا الجديد
على الأرض،
أنًا رأينا الحريق
تضاء به دارنا
أتورق أشعارنا ؟
على وجنة الشمس في كل دار
أكاليل غار
تميل مع الريح ،
أجران قمح
يعانقها الضوء لون الخضار
عليها، وفي كل جرح
أتزهر أحزاننا والبذار ؟
أسانا وإيماننا بالحياة
ومن يثقب الأرض ، ينداح فيها
ويبني عليها
أهازيجنا واندحار الردى
لأن الصدى
يقول بأن الحياة الحياة
لهذا الوجود، وأن العدم
لهذي التفاهات ، أن البغاة
ستنهار أحلامهم، والندم
سيزرع في كل هذي العيون
صباح جديد ..
صباح جديد ..

مايو 1969

الخميس، 14 أكتوبر 2010

ليالي


الشمس تجرحها الحراب
والنجمة الحمراء يأكلها الضباب
والقهر يطفيء في بحار الصمت أغنية الشباب
الليل عاد إليك يرتاد القرى
سكران مرتعش الخطى
ماذا ؟ وخلف سديمنا المحروق شمسك لا ترى

***
ويظل ينبتنا الحنين
ونظل نكبر .. ثم نكبر ... ثم تأكلنا السنين
كالصمت كالصبار نزهر في مقابرك الحزينة
موتى تغص بنا المدينة

***

القهر مضًك يا فؤاد،أما تكف عن النحيب ؟
في حانة الأحزان تنزف كلما عتم المغيب
لتجس ميلاد الصباح الغض في الشفق الخضيب
وتظل تذوي في الربيع ربيعك الميت الكئيب
وأظل أضرب في وهاد التيه أضرب كالغريب
فلمن سأجرع في ثراك الموت يابلدي الحبيب؟

***

للمقتفين خطاي، للجوع المدمر
للعذاب
للموت للقمر المعلق في السحاب
والنجمة الحمراء يأكلها الضباب
والشمس تطعنها الحراب،
والعسف يطفيء في بحار الصمت أغنية الضباب

17.8.1968

الأربعاء، 13 أكتوبر 2010

أبيات صغيرة

يافا وعيناك الحزينة والدموع،
والمبحرون بلا قلوع
والموقدون بليل غربتنا الشموع
والزاحفون على حقول الموت كالقدر العنيد
قنديلي الوًهاج يومض ليلة البعث المجيد
فالقهر، والأمل الصريع
في ساحة الإعدام ، والموت المحدق، والصقيع
ماذا ؟ وأنت مع المساء
تتألقين على هضاب الحزن كالقمر البديع
قلبي يقول بأن في مدن الضباب،
والثلج والدم والخطيئة والسراب
التافهون هناك والكتل القميئة والذباب
سقطوا وإنك في رتاج السجن أغنية المآب
يافا وبين عيوننا والشمس يغلق ألف باب
فنظل نحلم في ظلام القبو نحلم،
لا نفيق
فأراك حقل الحنطة الحاني أراك بندقية
في كف فلاح تمرد ذات فجر،
والرقيق
عصفوا كما الإعصار كالرعد المدمدم
كالحريق
وأراك بحراً في عيون حبيبتي الزرقاء،
بحراًُ من عقيق
وأراك خلف قساوة القضبان والقبو العتيق
كالواحة الخضراء يأكلها الجراد
والجدب والمتآمرون عليك ،
يا قمري الغريق
مدي يديك فربما سحق الطغاة
والساقطون بأن شعبي سوف ينهض ،
كالحريق
كالموت كالطوفان كالدم،
كالحريق
27.7.1968

الجمعة، 8 أكتوبر 2010

المرتد

حينما كنت أغني وأهيم
كان حبي
قبل أن تسحر عينيه النجوم
مثل صوفيً يدوخ
كلما أتعبه طول الوجوم
وأناشيد الشيوخ
" أنت كالأمس قديم وجديد
لا تبيد
أنت يا سيدنا الشيخ العتيد "
كان ربي يومها قطعة سكر
كلما أذبل قلبي
ذلك العشق الخريفي الشجون
كنت أسكر
منك يا قطعة سكر
كان حبي يومها طفلاً قعيد
عصًبت عينيه أوهام الشيوخ
وألاعيب الحواة والسحرة
كبر الطفل،و ما عاد يدوخ
فيك يا سيرة عنتر
لم تعد قطعة سكر
كل ما يطلبه الطفل العنيد
صار أكبر
صار مهموماً ويسخر
من ألاعيب الشيوخ التافهين

30 . 3 .1968

أنشودة الحزن العميق

حينما أعطيتني المشعل، آمنت
بوهج الكلمات
وبألوان الحروف
حينما تصبح فوق الأرض قمحاً،
وصلوات وزهراً وقمر
سوف تأتي،
- قلت لي في الصفحة العشرين-
أسراب الحمام
حينما يحترق القلب لعري،
الشجرة
وصداح القبرة
حينما تسمع مثلي
ضجة الموتى بصمت المقبرة
وأنا من يومها
صابر أسمع صوت الأضرحة
تارك صدري لكل الأسلحة
عاشق في لحظة الضوء،
أغني لحفيف الأجنحة
فلماذا قاوموني ؟
حينما باركت بالمشعل،
حزن الكلمات
وتمزقت لعري الشجرة
وصداح القبرًه
ولماذا طاردوني ؟
حينما أشرعت بابي للرياح
ساعة اشتد بقلبي
عنفوان الضوء في شمس الصباح
وتسلقت شعاع النافذة
وتغنيت بضوء النجمة الحمراء في الليل
وعانقت القمر
والصلوات وزهر الأقحوان
لم أكن أحلم،
لكن
كان دفء الضوء في قلبي ربيعاً،
وصلاة
آه لو ينطق هذا القمر الصامت في
الشهر الجديد
قلت لي في الصفحة العشرين – لكن
كان صوت الأضرحة
وملايين الضحايا في جحيم المذبحة
ودخان الأسلحة
كتبت فوق الصخور
أغنيات القمر الصامت في،
كل الشهور
عندما يحلم ثائر
تورق الأحجار في أقسى جبل
وأنا والليل والصمت،
وزهرة الأقحوان
ننشد الساعة فجر الثورة الحمراء،
في كل مكان
وأغني للملايين الفقيرة
كلما اشتد بقلبي
عنفوان الضوء في شمس
الظهيرة
حينما يزحم قلبي،
بملايين الحفاة
آه كم يحلم هذا القلب،
يستشعر
وقع القدم الحافي على وجه الأبد
وبوجه السطوة الفاجر،
في كل بلد
فلماذا قاوموني ؟
حينما فصًلت بالأحرف خبزاً،
وحذاء
لملايين الضحايا في جحيم المذبحة
ولماذا الأسلحة ؟
وصداح القبًرة
مشرق كالشمس وجه الكلمة
فلماذا حاصروها ؟
لتغني بين أقدام الخليفة
وبأسماء الخليفة
ولماذا صادروها؟
حينما غنت لموت القبًرة
ولعري الشجرة
وبأسماء الملايين التي تذبح في كل بلد
وأنا لا أملك الآن سوى حبي،
وضوء المشعل الأحمر في منتصف الليل،
ودفء الكلمة
حينما تصبح في بيارة القلب
ربيعاً
وصلوات وزهراً وقمر
كان نهر الشعر موبوءاً ،وكانت
كلمات الشعراء
أبداً تطفئ فيه
حرقة السلطان للمجد، وأخبار الجواري
وحكايات القساة
سارقي قوت المساكين بحد السيف،
كانت
أمنا الشمس تعاني من جديد
محنة النهر الذي ضيًع مجراه،
وظل
آسناً في مخزن السلطان موبوءاً،
وفي دار الإذاعة
وبأوراق خطيب الجمعة اللوطيٍ،
عبداً لوصايا الكهنة
وتعاويذ حواة الغيب في الليل،
وزيف الخونة حينما أعطيتني المشعل آمنت
بوهج الكلمات
وبألوان الحروف
فترقبت طيور النورس البيضاء في الشط،
وأسراب الحمام
وغناء القبًرة
وكرامات الضحايا،
وحديث المقبرة
وبغصن الشجرة
مثقلاً بالقمر الفضي والزهر،
وآلاف النجوم
فانتظرني ...

أغسطس 1970

الثلاثاء، 4 مايو 2010

مذكرات

و أنا مستسلماً أنتظر الموت ، وقلبي
لم يزل يكتب في صخر بلادي
لمدى عينيك يا نجم السفر
حبنا لا بد أن يزهر ، والليل البهيم
خلفه أضواء الصباح
*****
وليكن لا بد من أن يعتم الليل ،
وأن تعوي الرياح
مرة في كل سهل وجبل
سوف نمضي فوق كف الموت يا هذي الجراح
بطلاً إثر بطل
*****
عدتي في ساحة الحرب
قصيدة
وأغان قالها العمال في كل بلد
" يسقط الفاشست " وليمض الزمن
يا مسوخ الهتلريين القساة
*****
البغي الميت العينين يستجدي بغيه
رب كم تحرق قلبي هذه النار الخفية
والخيول البربرية
لم تزل تركض في الصحراء
ما زال الغزاة
أبداً يأتون في كل زمان
*****
حينما أينع شوك القهر ،
في وجه الزمن
حينما أوقد كف الليل قنديل المحن
حينما جهز السلطان ،
أسلاك الكفن
حينها ازددت التصاقاً بالوطن .
*****
عبرت من قبلك الشمس وأفلاك السماء
وملايين من الجرذان والخيل ،
وقطاع الطرق
ثم ماذا ؟
لم تزل تحلم بالريح ،
السفينة
آه يا هذي السنين الفاجرة
لم تزل تحلم بالريح السفينة .

23 / 05 / 1970

منشور

أصدقائي ..
قبل أن تورق أطياف السراب
في فؤادي
واحة مسحورة في كل باب
أوصدت أقفالها دوني المحبة
للحقيقة
لا تمروا
ولتظلوا صامدين
إن من ينفخ في الأجداث روحه
لتحيل العتمة السوداء نور
وتغني للملاين الفقيرة
كي تثور
دمرت أحرفه كهف الزمان
وطواغيت الزمان
أصدقائي ..
ربما يمضي علينا
ألف عام دونما حقل ودار أو ربيع
ربما لا نستطيع
في عصور الموت والسخرة أن نخطو جميعاً
ذلك السد المنيع
ربما كبل أقدام الرفيق
ذهب الدنيا ، ورب الموت جاء
كالحريق
لا تمروا فالطريق
ساحة تترى بآلاف الجثث
غرهم من دس في الخبز المدمى
والأكاذيب والوعود
والنقود ...
حتفهم


مايو 1986

الاثنين، 3 مايو 2010

رباط العنق

لا تقل بعد رمانا
العشق في الحانة أشباحاً هزيلة
نحن لا نملك أن نختار في دنيا بخيلة
غير شكل الموت ملفوفاً ،
بأوراق الصحف
وعلى بوابة الجمرك أحلاماً نبيلة .

*****

يعدم العاشق مخنوقاً بخيط النور ،
في أول بدء الملحمة
وعلى سترته البيضاء كالعادة حكم المحكمة
نحن لا نعرف شيئاً عن تواريخ القضية
لا ولا نعرف ماذا
يوقف الساعة في الميدان غير البندقية

*****
لم يكن أكبر من أصغر شيء ،
كان كالقطرة في بحر ، وكاللحظة ،
في مليون عام
ويغني !
- آه ما أتعس أن تفتقد الشمس
- وجوه الأصدقاء

*****
وحكى عن روعة اللون الذي يغمر ظل ،
الصورة الأخر عن وجه القرابة
بين عقب التبغ في المطفأة السوداء ، والفكرة ،
والليل المهيب
قال إن الشمس لا تحفل بالموتى وإن الأغنية
كلما تحبس في القلب تطيب .
*****

آه ما أتعس أن يفتقد المرء
وجوه الأصدقاء
قال للجلاد في بوابة الجمرك إن السيف ،
لا يصبح قيثاراً وإن الأغنية
كلما تسجن تصبح رائعة .
قال – واللوعة في عينيه – من ذا ؟
يعدم العاشق مخنوقاً بخيط النور في أول بدء المحكمة
وعلى تابوته الأخضر يلقي الياسمين
ولماذا كلمات الملحمة
كلما مات مغنيها على بوابة الجمرك منفياً وحيد
وجدت في كل بيت
عاشقاً يحلم باللحن الجديد

*****
عقرب الساعة في مينائه المائل نحو التاسعة
عقرب الساعة في الميناء ، والقرن الجديد
مات ، والساعة في الميدان نحو التاسعة
لا تقل - بعد - رمانا العشق في الحانة
أشباحاً هزيلة
نحن لا نملك أن نختار في دنيا بخيلة
غير شكل الموت ملفوفاً ،
بأوراق الصحف .


نشرت بتاريخ 07 / 10 / 1970

سقوط السور

" غداً تحبل الفكرة الداعرة "
- يحدثني صاحبي من وراء ،
جدار الزنازين في ليلة من الليالي ،
بلا اسم
كانت قُبيل اختراع الزمان
وتطرق قبضته الحائط الصلب ،
يهتف بي – هه .. أتسمعني ؟
سوف تحبل في خوذة الحرس الفاجر الآن فكرة
- وأحمل صوتي له من وراء ،
الجدار
" أتسمعني ؟ ربما قرر الآن أن
يمتطي الريح ،
يفتح أسوار عكا ،
- ويفتح في آخر الليل فاه
- لماذا يشب الحرس ،
عند الزنازين في أول الليل،
ثم يشيخون في ،
أخره ؟ .

الأحد، 2 مايو 2010

السر

الليل والمذياع والأنباء
وباعة الهتاف للسلطان والشتاء
لما يجيء فارغاً ،
رياحه بكاء
يختض في صدورنا ، وغيمه شجن
يمطر في عظامنا الرماد والمهانة
وكل ما في جوف هذا الغيب من أشياء
تخبرني بأنني أموت ذات ليلة
باسم من في حبهم تحصدني المناجل
بسيف من لأجلهم أناضل
و ينطفي الشهاب في بحيرة السكينة
وتذبل الزهور فوق الصخرة اللعينة
أحس - يا رفيق - أن هذه المدينة
– المومس الهلوك في مضاجع القراصنة –
أحس أن عريها
أسوارها
أضواءها
تعيش ساعة الغروب موتها الأكيد
وحينما توقظها البغال والديوك
وبائعو الفكر والكلاب في الظهيرة
تعود تحت قبة السماء
ذبابة تطن فوق الجثة الأخيرة
يا ألف آه
يا بيضة تفقس في براثن الغزاة
فلتعزفي الأغنية القديمة
فكل مسخ نجمة
تدور في مجرًة الهزيمة
يا ألف ألف آه
الليل والمذياع والأنباء والغزاة
عادوا مع غروب الشمس دونما غنيمة
فكل مسخ نجمة
تدور في مجرة الهزيمة .
نشرت بتاريخ 20/ 06 / 1970

الضحية

ميت تنهشه العقبان ، يستجدي جنازة
ميت في قرية الأموات ، ماتوا من سنين
حاملو النعش ، ومتلو الصلوات
والبلى ، والدود في القبر ، وحفار القبور
ثم ماذا ؟
أنت ذا جئت مع الريح وحيد
بعد أن ذاب الجليد
وانتهى المأتم ، غاب الليل ، وانفض الضيوف
وتوارت في صدور ( الأخوة الموتى ) السيوف
ميت تنهشك العقبان ، تستجدي جنازة
رب ماذا لو تعود ،
فوق سور السجن أسراب القطا
والمسا يرسم في القلب جراحا
ثم أبكي ،
في سكون الليل أستجدي جناحا
أين من ألقاك في الجب وراحا
يلصق النعي على الجدران ، يستفتي النجوم
والصدى يوغل في الوحشة ؟ يا سور المحال
ما الذي يجعل عينيها مرايا
فترانا
من وراء الموت أنصاف بغايا
و نواطيراً من القش وغيماً ودخان ؟.

نشرت بتاريخ يوليو 1969

السبت، 1 مايو 2010

رؤيا

ببلدي جراحك ، والمساء
والريح تعول في قراك البيض تعول ، والنجوم
فحماً ، وعيناً من أحب ركام طين
بالأمس كنت مع الظلام ،
ومع الرؤى الحمقاء تركض في الدروب بلا سهول
وبلا جبال أو قرى بيضاء أو شفق حزين
أو مخبرين .
بالأمس كنت مع الرؤى الحمقاء تركض في الدروب
لك مثل ما للآخرين فم ، ومثل الآخرين
عريان تركض في طريق العسف ..تركض والنجوم
فحم ، وعينا من أحب ركام طين .
**
أعرفت ليلة أمس ماذا أن تكون بلا رفيق
وبلا نصير في طريق العسف تقهرك الهزيمة
كالآخرين
تجري ويطلبك القضاة بلا جريمة
فوددت لو أن السماء
تندك ، لو أن الزمان بلا مساء
كي لا أنام
وأراك تخلع في جناح الليل وجهاً مستعار
وأراك تحت ضراوة الرؤيا دخاناً دون نار
**
عاد الخطاب
قالوا سدى ما كنا نبحث عنه ظل بلا مكان
وبلا زمان
حزم من الأحلام تعبر في سفائن لا تعود
قالوا بحثنا في الموانئ والسجون
وعلى حدود الموت والدم والخطيئة والجنون
لم نستدل عليه يولد أو يموت
واه كخيط العنكبوت
لا تسحقوه
قولوا رأينا ظله الأبدي ، قولوا ما يزال
عبر الكوى العمياء يوقد من أصابعه النجوم


نشرت بتاريخ 10 / 08 / 1969

تذاكر للجحيم

(1)

وتخضل عبر الأسى والدموع التي ملأت ،
جفنة الخمر،
من ذا يحطم قفل المدينة ؟
يرى وجه قاتله الميت الحي خلف القناع ،
وخلف وجوم العيون الحزينة ؟ .
يحدثني الصوت أن السيوف التي مزقت هامة الشُمر
عادت لتستل قلب الحسين
وأن الذئاب التي افترست قاطع الدرب ،
عادت لتفترس العابرين.
رفيقي السيوف الذئاب المدينة
تحدق عبر العيون الحزينة .

(2)

عقم الحجارة والعيون
عادت بلا فجر تحدق والضحية والجناة
في عتمة الملهى ، وصوت النادل السمج " الخيوط
من ذا يحركها فيكسب؟ " والمقاعد والشهود
والليل ، والقمر المعلق في المدينة ، والكلاب
تعوي وأحذية الرجال الجوف تعبر ، والضباب أبداً
سيحضنك الضباب .

(3)

ويهزأ عبر ثقب الباب سجّاني
غداً في هذه العتمة
غداً في حزمة ( الشوفان ) تحرق دونما رحمة
عذابك قبل بدء الموت يقتلني
أنا من أجل أن تبقى
عيونك في جبين الشمس أقتل دونما رحمة
لماذا الليل والعهر،
وأحذية الرجال الجوف تعبر هذه الزحمة ؟ .

(4)

اقتلني وامسح خنجرك الدامي في وجه الشمس
ولتكتب اسمي في قائمة المشبوهين
ها أنا أكشف أوراقك أقلبها
فالدن المكسورة لن تملأ ، والسيف الذهبي
كالحربة يقتل ، والميتة في سجن القيصر
كالميتة تحت سنابك خيلك .

( 5)

من ذا يحطم غربتنا ؟
في الليل يسحق ذلها العاري
يا مومساً مدت لكل فم
شفة تفجّر جوعها الضاري
أفعى يراقصك الحواة سدى
فغداً سيطفأ رمحك الناري .


نشرت بتاريخ 10/ 1 / 1970

الدوامة

صاح مازلت تغني ،
للأسى طاحونة الحزن العميق
لم نزل نحلم بالكنز الغريق
فتبدلنا مع الفجر جراحاً وقيود
وانتهينا ،
في مدى الأفق سيوفاً خشبية
ومساء أبيض الظلمة يجتاح البيوت
سيدي ماذا علينا
فالصدى يرتد في المعبد حيناً ويموت


في ليالي الكرنفال
صاح لا تبصر في المرآة وجهك
قبل أن تسقط في الوحل وتمضي
أبداً مثل بهيمة
قبل أن تظهر في كفيك آثار الجريمة
فلتبع مجدك في السوق الكبير
ولتغن ،
لفتى يقرأ كف الغيب .. للفصل الأخير.
يا جواد الحلم الوردي لا تمض بعيداً .
نحن لم نمض بعيداً
نحن لم نبق شعاعاً ، والشتاء
مقبل عبر غبار الأحذية .


نشرت بتاريخ 11/10/1969

الاثنين، 26 أبريل 2010

أغنية قصيرة عن يناير


الريح في قلوعنا تموتْ
عنيدة ونحن فوق موجها صخرْ
فالديارْ
واللصوص
لمن تدق أيها الناقوس والصغارْ
غابوا بلا خبرْ
إصبعه
فغاب من صغارنا الحُفاة أربعهْ
إلا قلوعنا
إلا دموعنا !!
غابوا بلا خبرْ
يُقال إن ساحرا غريب مدَّ
إصبعه
وتمتم الصلاة للحديد واستخارْ
فغاب من صغارنا الحُفاة أربعهْ
من يومها وكلُّ شيء حرّكته الريحْ
إلا قلوعنا
كل قطر في السحاب جففته الريحْ
إلا دموعنا !!

بطاقة


قل ما تشاء....
وأكتب بخط التاج ما نحت الشقاء
فينا ، وقل متخاذلون ،
جبناء ماتت فى عروق قلوبهم همم الرجال
أنا قد هربت ،
وتركت أحذيتي ورائي ،
وتركت خلف الجسر صوت إذاعة الشرق القتيل
قل ما تشاء ، أنا عميل
متخاذل ، حاف ، يجر وراءه عارا جديدا
قل ما تريد
لكنما أنا لن أموت
أبدا لتركب جثتى للنصر ... لا ... أنا لن أموت

الأحد، 25 أبريل 2010

الإتهام


أصدرت حكمك ، والمساء ،
ما زال يعقبه الصباح ، وأُمنا الشمس الكبيرة
حمراء تشرق رغم مخبرك الوضيع
دعني أقول بأن ما بيديّ أو يدك الزمان
يمضي بعالمنا الكبير
***
الباب يغلق والصباح ،
آت أحس به كأن يداً تحطم في الظلام
سور المحال ، كأن ضحك الدهر ينذر بالبكاء
فأرى صليبك صولجانك ،وانتهاءك مبتداك
وأراك تحصد في حقول الموت ما زرعت يداك
الآن مثلي ،أنت ذا في الرعب تنتظر الصليب
تصحو على وهم بأن يداً تدس لك الفناء
وبأن حصنك بالرفاق يموج يزحم .. والخلاصة
بالفجر تنسف رأسك الهمجي رصاصة
وتظل تبصر في المرايا وجه قاتلك الكئيب
الآن مثلي أنت ذا في الرعب تنتظر الصليب
وتعيد نفسك كلما عتم المغيب صدى اسطوانة
قد خنت آه لعل أبشع ما يكون هو الخيانة .

حوار



_ أغلقوا الكوة في أعلى الجدار .
- ثم ماذا ؟
_ وضعوا ما بين عينيك وبين الشمس خوذة .. جندوا في كل ثقب ،
من ثقوب الباب مليون حرس .
_ ولماذا ؟
-................
_ أغلقوا الكوة أو سدوا الثقوب ،
في جدار السجن بالخرقة ، أو حلوا عقال
كل ليل همجي
كيف يخفون شعاع الشمس إن كان معي ؟
_حرضوا ضدك من لم يعرفك .
- ومصير الشمس أن تشرق في كل القلوب
كل قلب شمسه فيه ، وحتى أن يكن
عصبوا عيني .. من يعصب قلبي ؟
يا رفيقي ،
كلما كانت ليلي السجن أقتم
كلما كان الحنين ،
لضياء الشمس والحرية الحرية الحمراء أعظم .
_ربما يمتصك القبر .
_ وحتى أن يكن ،
لست مهتماً بما يحدث لي ،
في ظلمة القبر، ولكن
كل همي ،
ما الذي يحدث فوق الأرض بعدي .
إنما الروعة أن ،
تركض نحو الموت مرفوع الجبين
ولتجيء من بعدنا شمس الربيع
وليغن كل أطفال البشر
إنما نقتل من
أجل الصباح .

أزهار الليل



وتمنيت كثيراً
أن أراك
نجمة يسطع في قنديلك الأخضر حب
ومواويل مضيئة
وتمنيت كثيراً عندما دفـَّأت في قلبي يديك
لو تصير الكلمة
دمعة في غمرة الشوق إليك
وطني ...
يا رجفة الموال في ليل القرى
يا حبيبي الأسود العينين لو أن الثرى
أحرفاً كنت القصيدة
وأنا غنيتك الأحلام أبكيك فأبكي
وردة تنمو على الأهداب في الليل الحزين
ثم تذوي بين أيدي التافهين
وطني يا وطني
يا صليبي قبل أن أخلق حرفاً في قصيدة
بيننا ظلت قوافيك العنيدة
والشعارات البعيدة
وأنا أركض خلف الفجر من سجن لسجن
لأرى عينيك في كل شفق
مرة أهرب من وجهي ، وألفاً أحترق
خلفي البحر ، وقدامي جحيم ، والطرق
صادرتها المحكمة
أُممت في أول الليل ،وبيعت في الصباح
ما الذي أملكه يا قمري
كادح أقتل باسم الكادحين ،
حينما أبكيك أن غنيت أبكي
لوعة الحزن الذي ينبتنا
عوسجاً في وجنة الشمس وذلاً وخطايا
نحن ما مددنا قاماتنا
أبداً في وجه ريح

الشاعر محمد الشلطامي
نشرت بتاريخ 21 – 03 - 1970