الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

أشواق

ومتى تأتي إلينا
أيها الغائب في صمت السموات
البعيدة
ومتى في زحمة الليل الذي يشتد،
تشتاق إلينا
فعلينا أزهر الصبار والعوسج والعقم،
وذل الإنتظار.

وانتهينا
في محطات الشتاء الموغل الغربة،
والوحشة ،
نقتات المحال
ونناديك : تعال
أيها الغائب في صمت السموات البعيدة
لم نعد نقوى على الصمت ... فدعنا
نشرب الليلة خمر النور في كأس جديدة .

تزهر البشرى،
يذوب الشوق في الضجة يا قلبي،
ويندك الجدار
فبلادي تخنق الليلة أنفاس الهمج
وتناديني .. تناديني
تعال
أيها الغارق في صمت السموات،
القصية
هذه ساعة ميلاد وحب
و انتفاضات أبية
فبلادي حطَمت،
مرة أخرى ظلام البربرية.

تزهر البشرى،
يذوب الشوق في النور،
ويندك الجدار
وتعم الفرحة الكبرى،
وتأتي
في مدار الأفق يا شمس النهار

الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010

الجوع

عام وعام وأنا،
أنتظر الإقلاع
جمدت بين السجدتين،
بحت بالأشجان
أبحرت بالزورق في دوامة النسيان
آه وآه أفلت اللسان
وفكت الأصفاد عنه هذه الأشجان

*****

ويلي أنا الظاميء والبئر بلا قرار
العهر والجبن وذل التيه،والفرار
أين ؟ وهذا الكون تحت قدمي ينهار

*****

جلت مع السمسار
رأيته يسوح في الحانة والأسواق
يعرض للتجار
المومسات الحور والمداد والأوراق
أذكر أن يومها سألت دون خوف
هل تحبل الحروف ؟
أذكر أن يومها الحتوف
جربتها في الجوع والصقيع
في ساحة الإعدام في مراكز التوقيف

*****


آه وأفلت اللسان
وبحت بالأشجان
أبحرت بالزورق في دوامة النسيان
وقلت للسمسار والسلطان والتجار
فلتجعلوا الموت بلا
مقابل
وتوجوا الشيطان
غداً غداً ستنضج السنابل
آه وآه وأفلت اللسان
وبحت بالأشجان .

30-4-1968

الجمعة، 15 أكتوبر 2010

أغنية من البحر


ومن ينسف القبو
إنًا هنا
يعذبنا أننا لن نعيش،
وتمتد أعمارنا
لنقذف أشعارنا للوجود
ونهتف أنًا رأينا الجديد
على الأرض،
أنًا رأينا الحريق
تضاء به دارنا
أتورق أشعارنا ؟
على وجنة الشمس في كل دار
أكاليل غار
تميل مع الريح ،
أجران قمح
يعانقها الضوء لون الخضار
عليها، وفي كل جرح
أتزهر أحزاننا والبذار ؟
أسانا وإيماننا بالحياة
ومن يثقب الأرض ، ينداح فيها
ويبني عليها
أهازيجنا واندحار الردى
لأن الصدى
يقول بأن الحياة الحياة
لهذا الوجود، وأن العدم
لهذي التفاهات ، أن البغاة
ستنهار أحلامهم، والندم
سيزرع في كل هذي العيون
صباح جديد ..
صباح جديد ..

مايو 1969

الخميس، 14 أكتوبر 2010

ليالي


الشمس تجرحها الحراب
والنجمة الحمراء يأكلها الضباب
والقهر يطفيء في بحار الصمت أغنية الشباب
الليل عاد إليك يرتاد القرى
سكران مرتعش الخطى
ماذا ؟ وخلف سديمنا المحروق شمسك لا ترى

***
ويظل ينبتنا الحنين
ونظل نكبر .. ثم نكبر ... ثم تأكلنا السنين
كالصمت كالصبار نزهر في مقابرك الحزينة
موتى تغص بنا المدينة

***

القهر مضًك يا فؤاد،أما تكف عن النحيب ؟
في حانة الأحزان تنزف كلما عتم المغيب
لتجس ميلاد الصباح الغض في الشفق الخضيب
وتظل تذوي في الربيع ربيعك الميت الكئيب
وأظل أضرب في وهاد التيه أضرب كالغريب
فلمن سأجرع في ثراك الموت يابلدي الحبيب؟

***

للمقتفين خطاي، للجوع المدمر
للعذاب
للموت للقمر المعلق في السحاب
والنجمة الحمراء يأكلها الضباب
والشمس تطعنها الحراب،
والعسف يطفيء في بحار الصمت أغنية الضباب

17.8.1968

الأربعاء، 13 أكتوبر 2010

أبيات صغيرة

يافا وعيناك الحزينة والدموع،
والمبحرون بلا قلوع
والموقدون بليل غربتنا الشموع
والزاحفون على حقول الموت كالقدر العنيد
قنديلي الوًهاج يومض ليلة البعث المجيد
فالقهر، والأمل الصريع
في ساحة الإعدام ، والموت المحدق، والصقيع
ماذا ؟ وأنت مع المساء
تتألقين على هضاب الحزن كالقمر البديع
قلبي يقول بأن في مدن الضباب،
والثلج والدم والخطيئة والسراب
التافهون هناك والكتل القميئة والذباب
سقطوا وإنك في رتاج السجن أغنية المآب
يافا وبين عيوننا والشمس يغلق ألف باب
فنظل نحلم في ظلام القبو نحلم،
لا نفيق
فأراك حقل الحنطة الحاني أراك بندقية
في كف فلاح تمرد ذات فجر،
والرقيق
عصفوا كما الإعصار كالرعد المدمدم
كالحريق
وأراك بحراً في عيون حبيبتي الزرقاء،
بحراًُ من عقيق
وأراك خلف قساوة القضبان والقبو العتيق
كالواحة الخضراء يأكلها الجراد
والجدب والمتآمرون عليك ،
يا قمري الغريق
مدي يديك فربما سحق الطغاة
والساقطون بأن شعبي سوف ينهض ،
كالحريق
كالموت كالطوفان كالدم،
كالحريق
27.7.1968

الجمعة، 8 أكتوبر 2010

المرتد

حينما كنت أغني وأهيم
كان حبي
قبل أن تسحر عينيه النجوم
مثل صوفيً يدوخ
كلما أتعبه طول الوجوم
وأناشيد الشيوخ
" أنت كالأمس قديم وجديد
لا تبيد
أنت يا سيدنا الشيخ العتيد "
كان ربي يومها قطعة سكر
كلما أذبل قلبي
ذلك العشق الخريفي الشجون
كنت أسكر
منك يا قطعة سكر
كان حبي يومها طفلاً قعيد
عصًبت عينيه أوهام الشيوخ
وألاعيب الحواة والسحرة
كبر الطفل،و ما عاد يدوخ
فيك يا سيرة عنتر
لم تعد قطعة سكر
كل ما يطلبه الطفل العنيد
صار أكبر
صار مهموماً ويسخر
من ألاعيب الشيوخ التافهين

30 . 3 .1968

أنشودة الحزن العميق

حينما أعطيتني المشعل، آمنت
بوهج الكلمات
وبألوان الحروف
حينما تصبح فوق الأرض قمحاً،
وصلوات وزهراً وقمر
سوف تأتي،
- قلت لي في الصفحة العشرين-
أسراب الحمام
حينما يحترق القلب لعري،
الشجرة
وصداح القبرة
حينما تسمع مثلي
ضجة الموتى بصمت المقبرة
وأنا من يومها
صابر أسمع صوت الأضرحة
تارك صدري لكل الأسلحة
عاشق في لحظة الضوء،
أغني لحفيف الأجنحة
فلماذا قاوموني ؟
حينما باركت بالمشعل،
حزن الكلمات
وتمزقت لعري الشجرة
وصداح القبرًه
ولماذا طاردوني ؟
حينما أشرعت بابي للرياح
ساعة اشتد بقلبي
عنفوان الضوء في شمس الصباح
وتسلقت شعاع النافذة
وتغنيت بضوء النجمة الحمراء في الليل
وعانقت القمر
والصلوات وزهر الأقحوان
لم أكن أحلم،
لكن
كان دفء الضوء في قلبي ربيعاً،
وصلاة
آه لو ينطق هذا القمر الصامت في
الشهر الجديد
قلت لي في الصفحة العشرين – لكن
كان صوت الأضرحة
وملايين الضحايا في جحيم المذبحة
ودخان الأسلحة
كتبت فوق الصخور
أغنيات القمر الصامت في،
كل الشهور
عندما يحلم ثائر
تورق الأحجار في أقسى جبل
وأنا والليل والصمت،
وزهرة الأقحوان
ننشد الساعة فجر الثورة الحمراء،
في كل مكان
وأغني للملايين الفقيرة
كلما اشتد بقلبي
عنفوان الضوء في شمس
الظهيرة
حينما يزحم قلبي،
بملايين الحفاة
آه كم يحلم هذا القلب،
يستشعر
وقع القدم الحافي على وجه الأبد
وبوجه السطوة الفاجر،
في كل بلد
فلماذا قاوموني ؟
حينما فصًلت بالأحرف خبزاً،
وحذاء
لملايين الضحايا في جحيم المذبحة
ولماذا الأسلحة ؟
وصداح القبًرة
مشرق كالشمس وجه الكلمة
فلماذا حاصروها ؟
لتغني بين أقدام الخليفة
وبأسماء الخليفة
ولماذا صادروها؟
حينما غنت لموت القبًرة
ولعري الشجرة
وبأسماء الملايين التي تذبح في كل بلد
وأنا لا أملك الآن سوى حبي،
وضوء المشعل الأحمر في منتصف الليل،
ودفء الكلمة
حينما تصبح في بيارة القلب
ربيعاً
وصلوات وزهراً وقمر
كان نهر الشعر موبوءاً ،وكانت
كلمات الشعراء
أبداً تطفئ فيه
حرقة السلطان للمجد، وأخبار الجواري
وحكايات القساة
سارقي قوت المساكين بحد السيف،
كانت
أمنا الشمس تعاني من جديد
محنة النهر الذي ضيًع مجراه،
وظل
آسناً في مخزن السلطان موبوءاً،
وفي دار الإذاعة
وبأوراق خطيب الجمعة اللوطيٍ،
عبداً لوصايا الكهنة
وتعاويذ حواة الغيب في الليل،
وزيف الخونة حينما أعطيتني المشعل آمنت
بوهج الكلمات
وبألوان الحروف
فترقبت طيور النورس البيضاء في الشط،
وأسراب الحمام
وغناء القبًرة
وكرامات الضحايا،
وحديث المقبرة
وبغصن الشجرة
مثقلاً بالقمر الفضي والزهر،
وآلاف النجوم
فانتظرني ...

أغسطس 1970